وصيتي

اخوتي الكرام لقد سطرت بعض الكلمات لابنتي في صوره وصيه لها وذلك من مما علمتني الحياه فأعتقد بأنني لا اريد لها ان تتعلم اكثر مما كتبت لها في هذه الوصيه فكل خاطره تأتي لي اكتبها حتي ولم يكن ذلك وقتها فالربما اتي يوما نحتاج لها

إبنتي


إليك وصيتي .....

إبنتي ... إنك لعلي ابواب الحياه العامه التي تنتظرك ؛ وانك لفي حاجه لآن اهدي إليك خلاصه تجربتتي ؛ فعسي ان تنفعك ؛ وعسي ان تتخذيها قاعده لك في حياتك المستقبليه .
أحب ان لاتنسي كلمه واحده فقط (( الصداقه ))
نعم .... إن الصداقه هي الثمره الشهيه للحياه ؛ فكوني محبه لله وصديقه للناس وصديقه للاشياء

كوني محبه لله ....تشعوري بمعني الحق ؛ وكوني صديقه للناس ....تشعوري بمعني القوه وكوني صديقه للاشياء ....تشعوري بمعني الجمال ؛ وهل في الحياه التي نحياها أغلي وأشرف ؛ أو أعز والطف ؛ من هذه المعاني الثلاثه :الحق ؛ القوه ؛ الجمال
كوني محبه لله ؛ تشعوري بآنه معك في كل لحظه ؛ وأنه يراك من حيث لا تريه وانه لايرضي إلا أن يراك موفقه في حياتك تتوخي الخير والعدل والاستقامه في اعمالك ؛ فإذا فعلت ذلك أرضيت الله عز وجل ؛ وأرضيت نفسك ؛وأحسست ان الحياه حق ؛ وأن الخير حق ؛ وان العدل حق ؛ وأن الله حق والحق إذا ملاء نفسك وقلبك وعقلك علي هذا الوجه ؛ كان خليقآ أن يمنحك السعاده الصحيحه التي يتمناها كل إنسان .ثم كوني صديقه للناس ؛فإن الانسان لم يخلق وحده ؛ولا خلق لنفسه ؛وحاجتك للناس – وهم أصدقاء – أرضي لقلبك ؛ واروح لنفسك ؛من حاجتك إليهم وهم أعداء والمرء كثير بإخوانه وأعوانه وخلصائه وأصدقائه .
ثم كوني صديقه للاشياء بمعني أنه ينبغي أن يكون بينك وبين البحر أو الشجر او الزهور صداقه ...وبإختصار ؛ ليكن بينك وبين المخلوقات كلها – في شتي مظاهرها – نوع من الود ... أو المحبه حتي ملابسك التي ترتديها ؛فإنك إن فعلت : أحسست بهذا المعني الثالث من معاني الوجود الانساني ؛ وهو الجمال فإن من يري الجمال في شيء يقع بصره عليه تتضاعف لذته بالعيش ويصبح في وقت قصير إنسان في ثياب شاعر . أتدري لم أحب لك أن تكوني شاعره ؟ إنني أحب لك ذلك كله ؛ لآن الشاعر إنسان يمتاز علي بقيه الناس ... بإرهاف في الحس ولطف في الوجدان وغزاره في العواطف ولكن الناس مع هذا يسيئون الظن بالله ويسيئون الظن بالناس ويسيئون الظن بالاشياء فيضعف شعورهم بهذه المعاني الحلوه ؛ وهي معاني الحق والقوه والجمال ؛ وتصبح الحياه نفسها عديمه اللون والطعم كما يصبح بينهم وبين السعاده نفسها آماد وآماد
فآما إساءتهم الظن بالله ؛فآتيه من أنهم يرمون الاقدار لأتفه الأسباب بالظلم والعدوان ويشتد رميهم لها بهذين الوصفين معآ ؛ حين يقيسون حظوظهم من الدنيا بحظوظ قرنائهم منها ؛ ولو انصفو لما وقعو ا في خطأ التعميم ؛ ولو انصفو لما نسوا ما يصيبهم من خير حسنات الله هو الذي يدبر الامور وليس القدر ولما نسوها كلها بسيئه واحده لهم
وفي ذلك يقول الشاعر
حاسب زمانك في حالي تصرفه تجده أعطاك أضعاف الذي سلبا
وأما إساءتهم الظن بالناس ؛ فآتيه من الجري وراء اللقمه ؛ أوأتيه من تنازعهم عليها ؛ وإذلال أنفسهم من أجلها إذلالا أضاع إحترام بعضهم لبعض ؛ وأحل في قلوبهم البغضاء محل الحب
واما إساءتهم الظن بالاشياء ؛ فآتيه من الامور كلها مجتمعه ؛ أو من ذلك المنظار الاسود ؛ الذي وضعته علي عيونهم تلك الظروف كلها مجتمعه .
إبنتي ...
أتحبي أن تعرفي الطريق الي السعاده التي تأتي من شعورك بمعاني الحق والقوه والجمال ؟ أتحب أن أدلك علي المفتاح الذي تفتحي به هذا الباب ؟ وإن كنت تحب أن تعرفي ذلك ؛ أو أدلك علي ذلك فاعلمي أن مفتاح السعاده أو الشعور بهذه المعاني الثلاثه هو الايمان بالله .
أجل ؛ الايمان أول خطوه من خطوات السعاده البشريه ؛ وأول مرحله من مراحل الهناءه النفسيه . ومتي إنبسطت النفس البشريه ؛ وعمرها الايمان بالله ؛ شعر الانسان فجأه بأن العزه لله جميعآ وان الرزق بيده لابيد سواه ؛وان الخير في تدع الامور كلها لله ؛ يصرفها كيف يشاء ؛وهنا يشعر الانسان بجلال هذا المعني الاول من معاني الوجود ؛ وهو معني ( الحق )
ثم متي امتلأ قلبك بهذا الايمان ومتي رسخ في نفسك رسوخآ قويا فهنا لاتكلف نفسك الجري وراء القرش ؛ أو الدرجه ؛ وإنما تكتفي بأداء واجبك علي الوجه الذي يحق مرضاه الله ؛ وإذ ذاك لاتجدي بنفسك حاجه الي التنافس غير المشروع ؛ ولاتحس أنك تنافس سواك علي نعمه من نعم الله .
ثم متي بريء قلبك من الغضب علي الاقدار ؛ وشفي صدرك من الحقد علي الناس فإنك شاعره في هذه اللحظه – بكثير من الرضا يشيع في نفسك ؛ أو السرور يملاء جنبات قلبك ؛ وإذ ذاك فقط : تنظري الي الاشياء بمنظار ابيض ؛ ومن مميزات هذا المنظار الابيض ؛ أنه يجسم لك الجمال ؛ وأنه يخلع عليك ثوب الشاعر الانكليزي الذي قال لابنه
( ليتك يابني تري العالم جميلا في نظرك كما هو جميلا في نظري )
أسأل الله ان يجعل لك من امرك رشدا . وأن ينفع بك الانسانيه والي اللقاء في معترك الحياه العامه
بابا رامي ( )